صحيح ان “الاتحاد الاوروبي” اعلن تمسكه بالاتفاق النووي المبرم بين إيران والدول الكبرى في 2015، وقرر مواجهة الموقف الاميركي بالانسحاب منه واعادة فرض عقوبات على طهران، مشيرا الى انه سيعمل للالتفاف على الاجراءات الاميركية لتمكين ايران من بيع نفطها عبر حزمة ضمانات اقتصادية.. الا ان مستقبل هذا التوجّه الاوروبي “التصالحي” بدأت ترتسم حوله علامات استفهام كبيرة، حيث تسأل مصادر دبلوماسية مطّلعة عبر “المركزية” عن مصيره ومدى قدرته على الصمود، ليس فقط امام اصرار “الجمهورية الاسلامية” على المضي قدما في تطوير ترسانة صواريخها البالستية فقط، بل ايضا امام تورّطها في عمليات أمنية لهز الاستقرار في قلب اوروبا…
ففي الثاني من تشرين الأول الماضي، قالت فرنسا إنه “لا يساورها أي شك في أن وزارة المخابرات الإيرانية تقف وراء مؤامرة في حزيران الماضي لمهاجمة مؤتمر لجماعة معارضة في المنفى، في باريس، وإنها صادرت أصولاً تخص أجهزة المخابرات الإيرانية وأخرى لاثنين من المواطنين الإيرانيين”. وقد اشار مصدر دبلوماسي فرنسي آنذاك الى ان “أجهزة مخابراتنا قامت بتحقيق طويل ودقيق ومفصّل مكننا من الوصول إلى نتيجة تفيد دون أدنى شك بأن المسؤولية تقع على عاتق وزارة المخابرات الإيرانية”. وأضاف المصدر الذي كان يتحدث بعد أن أعلنت الحكومة تجميد الأصول، “أن نائب الوزير والمدير العام للمخابرات سعيد هاشمي مقدم أمر بتنفيذ الهجوم وأن أسد الله أسدي، وهو دبلوماسي يعمل انطلاقاً من فيينا وتحتجزه السلطات الألمانية، قام بتنفيذه. والوزارة تحت إمرة الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي”.
وكانت النمسا أعلنت في حزيران الماضي، انها طلبت من طهران رفع الحصانة الدبلوماسية عن أسدي الذي يشتبه بتورطه في مخطط تنفيذ اعتداء ضد تجمع لحركة ايرانية معارضة، في باريس. وأوضح ناطق باسم الخارجية الايرانية ان فيينا ابلغت بذلك سفير ايران في النمسا الذي استدعي إلى الوزارة منذ اعلان القضاء البلجيكي عن احباط خطة الهجوم. وأعلن القضاء البلجيكي توقيف عدد من الاشخاص في اطار التحقيق في خطة الاعتداء نفسه. فإلى جانب الدبلوماسي المعتمد في فيينا، اعتقل زوجان بلجيكيان من أصل ايراني في بروكسل وبحوزتهما 500 غرام من مادة بيروكسيد الاسيتون (تي اي تي بي) وهي متفجرات يدوية الصنع، الى جانب “مفجِّر”. ويشتبه بان الزوجين أرادا تنفيذ تفجير في فيلبانت بالقرب من باريس، خلال تجمع لمجاهدي خلق وهي حركة معارضة في المنفى تأسست في 1965 وحظرتها السلطات الايرانية في 1981.
وفي وقت ترفض طهران هذه الاتهامات وتقول إنها “عملية مزيفة”، تسأل المصادر “هل تدفع هذه التصرفات الايرانية المزعزعة للاستقرار في اوروبا، معطوفة الى خروجها عن بنود الاتفاق النووي لناحية وضع حد لتطوير الاسلحة ولا سيما الباليستية ووقف دعم أذرعها العسكرية في الشرق الاوسط بالمال والسلاح، الاتحاد الاوروبي الى وقف محاولاته الحثيثة للتوسط بين طهران وواشنطن والى مراجعة حساباته في شأن الاتفاق الدولي تمهيدا للخروج منه او على الاقل، العمل لتعزيزه وتدعيمه بجملة ضوابط؟