انعقد المجمع الأنطاكي المقدس برئاسة غبطة البطريرك يوحنا العاشر (يازجي) في دورته العادية العاشرة ودورته الاستثنائية الحادية عشر من الثالث وحتى السادس من تشرين الأول 2018 في البلمند وذلك بحضور كل من أصحاب السيادة المطارنة:
الياس (أبرشيّة بيروت وتوابعها)، الياس (أبرشيّة صيدا وصور وتوابعهما)، سرجيوس (أبرشية سانتياغو وتشيلي)، دمسكينوس (أبرشية ساو باولو وسائر البرازيل)، سابا (أبرشيّة حوران وجبل العرب)، جورج (أبرشيّة حمص وتوابعها)، سلوان (أبرشيّة جبيل والبترون وما يليهما)، باسيليوس (أبرشية عكّار وتوابعها)، أفرام (أبرشيّة طرابلس والكورة وتوابعهما)، إغناطيوس (أبرشية فرنسا وأوروبا الغربية والجنوبية)، جوزيف (أبرشية نيويورك وسائر أميركا الشمالية)، غطاس (أبرشية بغداد والكويت وتوابعهما)، ، أنطونيوس (أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما)، نقولا (أبرشية حماه وتوابعها)، باسيليوس (أبرشية أستراليا ونيوزيلاندا والفيلبين)، إغناطيوس (أبرشية المكسيك وفنزويلا وأمريكا الوسطى وجزر الكاريبي) وأثناسيوس (أبرشية اللاذقية وتوابعها).
والأساقفة:
المتروبوليت نيفن صيقلي، موسى الخوري، لوقا الخوري، ديمتري شربك، إيليا طعمة، غريغوريوس خوري، يوحنا بطش.
وحضر الأسقف أفرام معلولي أمين سر المجمع المقدس.
واعتذر عن الحضور المطران اسحق (ألمانيا وأوروبا الوسطى) والمطران سلوان (أبرشية الجزر البريطانية وإيرلندا). وقد حضر المطران بولس (أبرشيّة حلب والإسكندرون وتوابعهما)، المغيّب بفعل الأسر، في صلوات آباء المجمع وأدعيتهم.
وبعد الصلاة واستدعاء الروح القدس، استعرض الآباء جدول الأعمال. وتناولوا أولاً قضية مطراني حلب المخطوفين بولس يازجي ويوحنا إبراهيم واستنكروا الصمت الدولي المطبق تجاه القضية في عامها الخامس. ودعوا إلى إطلاق المطرانين ووضع نهاية لهذا الملف الذي يختصر شيئاً مما يعانيه إنسان هذا الشرق من ويلات. وصلى الآباء من أجل صحة الأسقف كوستا كيال ضارعين إلى الله أن يمن عليه بالشفاء والتعافي من الحادث الأليم الذي تعرض له.
عرض غبطة البطريرك للزيارة الرعائية الأخيرة التي قام بها إلى أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما وعبّر عن تأثره العميق بما شاهده والوفد المرافق من إيمان متجذر ومحبة أصيلة عند كل أبناء زحلة والجوار والذين اجتمعوا من كل الطوائف وشاركوا في الاستقبال. وشكر غبطته الجهود الكبيرة التي بذلت ليكون هذا اللقاء الرائع.
وبنتيجة شغور أبرشية بوينس آيرس وسائر الأرجنتين بنقل مطرانها سلوان موسي استثنائياً وتدبيرياً إلى أبرشية جبيل والبترون وما يليهما، تداول الآباء في وضع الأبرشية بعد الاستماع عن كثب لأبنائها، وانتخبوا الأشمندريت يعقوب الخوري متروبوليتاً عليها.
تدارس الآباء عدداً من النقاط مستمعين إلى الدراسات الواردة بشأنها من بعض المطارنة والأساقفة وأصحاب الاختصاص ومنها قانون الأحوال الشخصية وواقع ومرتجى المحاكم الروحية البدائية والاستئنافية. وتداولوا أيضاً في محورية دور الكهنة في الحقل الرعائي والتعليمي وقرروا تنظيم ورشة عمل تدريبية للكهنة في الكرسي الأنطاكي. وطرح الآباء قضايا الهجرة الداخلية والاقتناص والرعاية الواجبة لمواجهة هذين التحديين وقرروا التوسع في هذه النقاط بعد ورود الدراسات بشأنها في المجمع القادم. وفيما يخص التنشئة الكهنوتية والإكليريكية، أكد الآباء أن المجمع المقدس هو المولج بشكل حصري وأولاً وأخيراً، بأمر التعليم اللاهوتي الإكليريكي في الكرسي الأنطاكي، وقرروا تكليف لجنة تضع تصورات وتطلعات في سبيل تطوير أساليب إعداد الكوادر الكهنوتية والإكليريكية. وطرحوا أيضاً أهمية سر الزواج وقرروا المضي في متابعة الجهود لإصدار وثيقة شاملة تأخذ بالاعتبار ما صدر سابقاً وما يصدر من دراسات بهذا الشأن.
وتناول الآباء الشأن الأرثوذكسي العام. فأكدوا أن الكنيسة الأنطاكية تعبر عن قلقها الكبير من المحاولات الرامية الى تغيير جغرافية الكنائس الأرثوذكسية من خلال إعادة قراءة التاريخ اليوم. وتعتبر أن الاحتكام إلى قراءات أحادية للتاريخ، لا يخدم الوحدة الأرثوذكسية بل يساهم في تأجيج التنابذ والشقاق بين أبناء الكنيسة الواحدة. وشددوا على أن الكنيسة الأنطاكية ترفض تكريس مبدأ قيام كنائس موازية ضمن الحدود القانونية للبطريركيات والكنائس المستقلة كوسيلة لحل الخلافات أو كأمر واقع في العالم الارثوذكسي.
تؤكد الكنيسة الأنطاكية بلسان الآباء أن أية مقاربة لمسألة منح الاستقلال الذاتي لكنيسة معينة يجب أن تتوافق مع الإكليزيولوجيا الأرثوذكسية والمبادئ التي تم الاتفاق عليها بإجماع الكنائس في السنوات الماضية إن لجهة موافقة الكنيسة الأم، أو لجهة اعتراف جميع الكنائس الارثوذكسية المستقلة بهذا القرار. وتؤكد على ضرورة الاحتكام لمبدأ الاجماع هذا فيما يختص بالعمل الارثوذكسي المشترك والمسائل الخلافية في العالم الأرثوذكسي وذلك كضمانة فعلية لوحدة الكنيسة الارثوذكسية.
تحذر الكنيسة الأنطاكية من مخاطر زج العالم الأرثوذكسي في الصراعات السياسية العالمية ومن مساوئ مقاربة الكنيسة الارثوذكسية على أسس سياسية وعرقية وقومية.
تدعو الكنيسة الأنطاكية قداسة البطريرك المسكوني إلى الدعوة لاجتماع عاجل لرؤساء الكنائس الارثوذكسية المستقلة للتداول في التطورات التي يشهدها العالم الأرثوذكسي بشأن مسالة منح الاستقلال الذاتي لكنائس جديدة، والعمل على إيجاد حلول مشتركة لها قبل اتخاذ أي قرار نهائي بشأنها.
تشدد الكنيسة الأنطاكية على أهمية اليقظة الروحية في هذه المرحلة التاريخية الدقيقة، وعلى ضرورة الحفاظ على سلام الكنيسة ووحدتها، والتنبه لعدم الوقوع في مطبات السياسة التي أثبت التاريخ أنها أوهنت الكنيسة الأرثوذكسية وأضعفت الشهادة الأرثوذكسية الواحدة في العالم.
يدعو آباء المجمع جميع المسؤولين في لبنان للانصراف التام من أجل تمتين الوحدة الوطنية والسهر على انتظام العمل الدستوري والمؤسساتي، ويناشدوهم العمل من أجل تخفيف حدة الاحتقان السياسي وكل ما من شأنه نكء جروح الماضي وتأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية لخدمة أهداف تضر بأسس العيش الواحد وتزيد من معاناة الشعب اللبناني. وفي هذا الصدد يشدد الآباء على ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على التصدي للتحديات الجسام التي يواجهها لبنان وذلك بروح المسؤولية الوطنية وبعيداً عن الحسابات الضيقة والآنية، ويطالبون المسؤولين إيلاء الشأن الاقتصادي أولى اهتماماتهم والدفع من أجل تحريك العجلة الاقتصادية واستنباط الحلول التي تساهم في التخفيف من الأعباء الحياتية التي يرزح تحتها المواطنون والتي تطال حقوقهم الأساسية وجميع مرافق حياتهم.
يناشد آباء المجمع المسؤولين وضع حد للفساد المستشري في جميع قطاعات ومرافق الدولة، من خلال تفعيل ثقافة المحاسبة والشفافية، والإقلاع عن اعتبار مؤسسات الدولة مكاناً لتقاسم الغنائم ولممارسة الزبائنية والمحسوبيات.
يشكر آباء المجمع الله على عودة الحياة الآمنة إلى أجزاء كبيرة من الدولة السورية. ويشددون على ضرورة العمل الجاد وتضافر كل الجهود الدولية والمحلية من أجل ترسيخ قيم العدالة والسلام والحرية فيها. وهم يشددون على ضرورة إعادة إعمار ما هدمته الحرب بما ينصف المواطنين ولا يزيد من بؤسهم وفقرهم في مرحلة السلم، ويشددون على أهمية أن تترافق الجهود الرامية إلى إعادة الإعمار مع جهود ترمي إلى تعزيز المصالحة بين جميع مكونات الشعب السوري.
وأمام تردي الظروف المعيشية، يكرر الآباء التزامهم العمل الإغاثي الرامي الى التخفيف من أوجاع وعذابات الشعب السوري ويناشدون جميع المعنين في العالم من أجل فك الحصار الاقتصادي الذي يرزح تحته الشعب السوري والذي لا يسلم من نتائجه الضارة أحد من المواطنين. وهو يناشدون جميع الخيرين تكثيف دعمهم من أجل أن تستطيع الكنيسة الاستمرار في خدمتها الإغاثية والاجتماعية التي تزداد الحاجة اليه لتثبيت المؤمنين في أرضهم والحؤول دون نزوحهم أو هجرتهم.
يرفع آباء المجمع صلواتهم من أجل أبنائهم في الوطن وفي الانتشار. ويؤكدون أنهم وإياهم قلبٌ واحدٌ وحالٌ واحدةٌ في كل فرحٍ وترحٍ لأن الكنيسة الأنطاكية تبقى أولاً وأخيراً لسان حالهم ومجسّ هواجسهم وختم أفراحهم.
يصلي آباء المجمع من أجل السلام في سوريا والاستقرار في لبنان. ويرفعون صلواتهم من أجل فلسطين الجريحة بعاصمتها العربية وعاصمة مقدساتها المسيحية والإسلامية، القدس الشريف. ويرفعون صلواتهم من أجل العراق ومن أجل سلام الشرق والعالم أجمع.
يخص الآباء بالبركة الرسولية أبناءهم الأنطاكيين المنتشرين في كل مكان. ويتوجهون بالسلام القلبي والبركة الأبوية لأبنائهم في أبرشية بوينس آيرس وسائر الأرجنتين ويضرعون إلى الله أبي الأنوار أن يغدق عليهم من نعمه السماوية ويحفظهم وراعيهم الجديد باليمن والبركات.