بسم الله الرحمن الرحيم ، الأخوات والإخوة الحضور
أسعدتم مساء ، وأهلا وسهلا بكم ، وسعيد جدا بمشاركتكم لنا هذه الفعالية، ويسرني ان يكون بيننا هذا المساء ، جمع من المحبين من الأكاديميين ورجال الاعمال والاعلام والصحافة ، ومن شباب وشابات الاعمال ، والسيدات ، فللجميع ألف شكر ، وتحية ، وإمتنان .
ولعلي أبدا بالتنويه عن حقيقة ان الكتاب ، فريد من نوعه في المكتبة السعودية ، فهو يمثل تناولا لموضوع في غاية الاهمية ، وياتي في توقيت مناسب جدا . ووفقا لرأي ذوي الإختصاص ، فانه لم يصدر لمؤلف سعودي من قبل ، كتابا بتحليلات واستنتاجات وتوصيات ، حول كيفية التأسيس للوبي سعودي معاصر ، ندعو الله ان ينفع به.
الحضور الكريم ، يطرح الكتاب رؤية “مستقبلية” حول بناء “لوبي” سعودي ، يكون نموذجا لعمل دبلوماسي فعال ومؤثّر على صعيد العلاقات السعودية الدولية . وينطلق المشروع من فكرة مركزية تتمحور حول أهمية تعزيز مكانة المملكة ، ومن ضرورات تفعيل دورها ، تحقيقا لمصالحها الاستراتيجية في مجمل مجالاتها الحيوية.
ولقد اكد المؤلف على انه ، الى جانب تكوين “اللوبي” وبالتوازي معه ، يتطلب الامر استنفار ما تملكه المملكة من إمكانات ومقومات الدبلوماسية الناعمة ، وتوسيع منتديات الحوار ، مع مختلف القوى والتكتلات ، على أكثر من صعيد ، ومع أكثر من مجموعة ، تطويرا لعلاقاتها بأطراف المجتمع الدولي ، وخاصة تلك القوى الفاعلة فيها والأكثر تأثيرا في حركتها .
ولقد شكلت محاور الكتاب الثلاثة ، الدبلوماسية الناعمة ، واللوبي ، ومنتديات الحوار ، صُلبَ الكتاب. وقد تصدّى الكتاب لبحث معوقاتها بحثا عن آليات تساعد على تطوير أدائها وخاصة فيما يتعلق ب: تاسيس وتقوية اللوبي السعودي في الخارج ، واستنهاض موارد المملكة من القوى الناعمة ، وتطوير عملية الحوار على الصعيد الدولي.
الحضور الكريم ، لقد تناول المؤلف الجهود السعودية في التأثير على الرأي العام المدني والرسمي في الولايات المتحدة ، وبحث في نتائج تلك الجهود ، وفي تأثيراتها ، وحلل فاعليتها ، وخاصة تجربة المملكة في دعم طلبها الخاص بشراء طائرات الإواكس . كما درس أسباب ضعف تأثير عمل اللوبي السعودي ، وكيف ظل هذا التأثير محدودا للغاية ، وبحث في عوامل انحسار ذلك التأثير ، وكيف بقي يعمل في إطار “ردّ الفعل” لا “الفعل والمبادرة” ، فقد كانت الجهود “موسمية” ونتيجة “لأزمات وقتية” عادة ما يتراجع ، او يتوقف ، او ينتهي الجهد اللوبي بعدها .
ولما كانت المملكة قد تعرضت لحملات إعلامية ودعائية عاتية ، والذي تخصّصَت فيه “منصّات” مؤسسات إعلامية وصحفية غربية ، فكان لابد من توقف المؤلف ، أمام أسباب هذه الحملات ، وتحليل أساليبها التشويهية ، بهدف الخروج ب “تكنيك” مغاير ، لما كانت تتبعه المملكة في هجومها المضاد ، على مثل هذه الحملات . وسعيا لفهم أكثر عمقا لطبيعة دور اللوبي ، فكان لا بد من دراسة واقع حال اللوبي السعودي في الولايات المتحدة ، وطبيعة المشكلات التي تعترض أداؤه ، وايضا دراسة واقع حال العلاقات السعودية الأمريكية ، بهدف التعرف على ما يمكن أن يلعبه اللوبي ، في خدمة المصالح السعودية ، داخل البيئة الامريكية .
الحضور الكريم ، لقد شمل الكتاب شرحا لثمانية نماذج للوبيات اجنبية ، تمارس مناشطها داخل البيئة الأمريكية ، وعلى أرضها ، هي اللوبي الصيني ، واللوبي الإيراني ، واللوبي الفرنسي ، واللوبي الأرجنتيني ، والاسرائيلي ، والمغربي ، والأرمني ، واللوبي السعودي .
وقد خصص المؤلف لتجربة اللوبي السعودي فصلا خاصا ، وهي تجربة تتمثل اهم تجلياتها ، في نجاح التفاوض حول شراء طائرات الاواكس ، ابان عمل الامير بندر بن سلطان سفيرا للمملكة في واشنطن ، وهو النجاح الذي كسر ، آنذاك ، سطوة اللوبي الاسرائيلي ، على السياسات الامريكية الشرق اوسطية ، فقد نجحت المملكة في الحصول على طائرات الاواكس ، رغم المعارضة الشديدة للوبي الاسرائيلي . فلقد اعدت المملكة استراتيجية عمل متكاملة ، ساعدتها على ان تجمع دعما جماهيريا ، اكثر من ذلك الدعم الذي حشده اللوبي الاسرائيلي .
ويعود نجاح المملكة ايضا ، لعاملين أساسيين اخرين : أولهما ، التواصل مع الشركات المصنعة للأواكس ومع النقابات العمالية ذات العلاقة . وثانيهما ، هو موقف الرئيس ريغان ، الذي كان يحظى بتأييد جماهيري واسع ، فقد صور الرئيس ريغان ، اقتناء المملكة للاواكس ، على انه جزء ، من استراتيجية الأمن القومي الامريكي ، لتحجيم الدور والنفوذ السوفياتي في العالم . وعلى الرغم من ذلك النصر اللوبي الذي حققته المملكة ، إلا انه ، ولسوء الطالع ، كان نجاحا قصير المدى ، حيث لم يتابع ذلك النجاح ، لا رسميا ولا أهلياً ، ليصبح لاحقا لوبيا سعوديا مؤسسيا ودائما في الولايات المتحدة .
الحضور الكريم ، لقد بات تعزيزَ الدور الأهلي ، في خدمة علاقات المملكة الدولية ، مطلبا حيويا ، يتزايدُ إلحاحُهُ . فنحن بصدد ضرورة قصوى ، لتطوير دبلوماسيتنا الأهلية مع الآخر وتسيير تواصل علاقاتنا بمؤسسات الآخر . وياتي مطلب تعزيز الدور الدبلوماسي الأهلي ، في ظل استمرار صعود بلادنا ، في السنوات الاخيرة ، الامر الذي يطرح ، على المعنيين بمكانة المملكة ، ابتكار أشكال جديدة من العمل غير الرسمي ، للإسهام في تثبيت وتاكيد مكانتنا اقليميا ودوليا ، وعليه ، فإن المملكة كانت ولا تزال بحاجة ملحة إلى أداء مؤسسي اهلي يخدم الأداء الرسمي ، وإن تم الاداء في أطر منفصلة عن الاداء الرسمي ، إلا أنه لن يعملَ بمعزل عنه ، بل سيعمل بتكامل معه . ونتوقع ان تؤدي الشراكة الرسمية الأهلية ، الى توسيع أشكال ، وأدوات ، وآليات ، وقدرات دبلوماسيتنا ، وتوثيق علاقاتنا بالآخر ، من خلال أدوار ، قد “لا تستطيع” الدبلوماسية التقليدية ، أن تؤدّيها .
وإن ما يجري على الساحة الدولية ، من موجة جديدة في بناء العلاقات الدولية ، يقدم لنا الكثير من الدروس في كيفية تطوير تواصلنا بالأسرة الدولية ، بدبلوماسيتيها ، الرسمية والأهلية ، فالتواصل الدبلوماسي ، بأشكاله المعاصرة لم يعد رفاهية ، وليس من المجدي عدم التفاعل ، مع موجته الجديدة ، انه أسلوب علمي وعملي ، ينبغي الإلتفات اليه .
الحضور الكريم ، لقد تطرق المؤلف في فصل خاص ، الى أفكار وملامح ، لما أسماه ب “السعودية الشابة” واكد على انه لا يمكن للمملكة أن تنظرَ إلى أيّ محاولة ، لتأسيس لوبيات سعودية ، دون الاعتماد على “الشباب” وتوظيف قدراتهم ، في خدمة هذا الهدف الوطني المنشود . فالشباب السعودي يجيد استخدام التقنيات الحديثة ، ويبدع في مجالات التواصل الاجتماعي . ولذلك ، فإن المؤلف يتطلع إلى استنفار طاقات هؤلاء الشباب بقدراتهم ، وإبداعاتهم ، ومواهبهم ، وحفزهم على مواجهة تحديات العصر ، والإجابة على أسئلته ، سعيا لمزيد من الرقي للوطن .
وقبل الختام ، اسمحوا لي ان ابعث برسالة الى واشنطن العاصمة ، اهنىء من خلالها السفيرة ريما بنت بندر بن سلطان على الثقة الملكية السامية الكريمة . ولاننا نتحدث هنا ، عن تعزيز العلاقات بالولايات المتحدة ، فرأيت انه من المناسب ومن واقع ما شمله الكتاب من استنتاجات وتوصيات في مسار تلك العلاقات ، ان ابعث لسموها برسالة ، عبر هذا الفعالية ، بشيئ من ذلك . واعلم انني ابعث برسالتي في وقت ، تخوض فيه سموها مهمة صعبة ، مهمة تطمح من وراءها لبناء حقبة جديدة من العلاقات الثنائية ، وسط مرحلة مليئة بالتحديات ، فأرجو لها التوفيق والسداد وأرجو أن يتسع صدرها لرسالتي.
فاولا: ارى ان هناك حاجة ملحة ، الى توسيع صورة المملكة في الولايات المتحدة ، الى ما وراء المنظور الضيق للعلاقة بين بلدينا ، واقصد بالمنظور الضيق ، على سبيل المثال لا المجحصر ، علاقاتنا المرتبطة بالنفط ، والمبيعات العسكرية ، والإرهاب .
وثانيا: ادعو سمو السفيرة ، وفي ظل الظروف التي تمر فيها العلاقة بين البلدين ، ان تتبنى مشاركة دبلوماسية أوسع نطاقا ، واقصد ، تقاربا اكبر مع الجماهير الامريكية ، خارج نطاق الدبلوماسية التقليدية ، ومن خلال عمل رسمي اهلي مشترك ، لاننا في المملكة في حاجة ماسة لأن ندفع بعلاقاتنا الأهلية ، لتكون قريبة من مستوى علاقاتنا الرسمية المتميزة .
واسمحي لي سمو السفيرة ، أن أنوه في ثالثا ، عن حقائق أربع:
- الحقيقة الأولى تتعلق بضعف جهدنا الإعلامي إعلامنا في الولايات المتحدة ، وهو الضعف الذي يأتي في وقت اصبح فيه صوتنا الوطني مطلوبا حضوره داخل الارض الامريكية .
- الحقيقة الثانية هي انه رغم الثقل الاقتصادي للمملكة ، ورغم علاقتنا الرسمية الوطيدة بالولايات المتحدة، الا اننا في حاجة ملحة ، للانتشار ، والتأثير ، بين مكونات وشرائح المجتمع الامريكي .
- الحقيقة الثالثة انه يتوجب علينا تطوير علاقاتنا ليس فقط بالبيت الأبيض ، والوكالات التنفيذية التابعة لها ، بل مع مجلسي النواب والشيوخ ، اللذان لديهما القدرة التشريعية على الوقوف في وجه القرارات التنفيذية ، التي تصب في مصلحة المملكة .
- والحقيقة الرابعة هي انه يتعين علينا التعامل بجدية ، مع وسائل الاعلام ، التي هي في معظمها ، وكما تعلم سموها ، غير متعاطفة معنا . واتمنى على سموها ان ترفض جملة وتفصيلا ، التوجه الذي أخذ يطفو على السطح الإعلامي الامريكي مؤخرا ، والذي يرسم علاقات المملكة بالولايات المتحدة على انها علاقات مبنية على صفقات تجارية ، ليس الا ، فضلا عن حقيقة انها علاقات استراتيجية مترسخة . ومن هذه الفعالية ، أدعو سمو السفيرة الى الوقوف في وجه ، كل من يعمل على تحجيم علاقات المملكة بالولايات المتحدة .
ولعلي أختم رسالتي لسمو السفيرة ، للتعبير عن شعور جاءت به تجربتي ومهنيتي ، وهي أنني ، اجزم بأن سر النجاح في توطيد علاقاتنا بأمريكا والأمريكيين ، يكمن في مدى نجاحنا ، في تبني استراتيجية عمل دبلوماسي رسمي اهلي مشترك ، وليس العمل الرسمي المنفرد .
اتمنى لسفيرتنا الشابة كل التوفيق والسداد ، في الدفع قدما بالعلاقات السعودية الامريكية .
وأختم بالقول ، حضورنا الكريم ، بأنه لايختلف اثنان على ان أغلى احساس في حياة المواطن ، هو اعتزازه بهويته وبوطنيته ، فلنعبر عن هويتنا ، ولنجسد دوما اعتزازنا بوطننا ، فالاعتزاز بالانتماء للوطن شعور صادق ينبغي ان نحس به جميعا .
حفظ الله لبلادنا قيادتها ، وأيدها بنصر من عنده ، ورزقها البطانة الصالحة التي تعينها على إصلاح البلاد . حفظنا الله واهلينا ، في كل زاوية من ارض هذا الوطن ، من كل مكروه ، وكل لقاء حول طرح يخدم الوطن ، وأنتم بخير .
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
International campaigner The Online Publishers TOP offers unique online lobbying services