بعد خلع الرئيس السوداني عمر البشير، اكتفت وزارة الخارجية الأمريكية بالإعلان عن ترحيبها بلحظة تاريخية، مع إشارة خجولة لضرورة مشاركة مدنيين في الحكومة، واكتفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية روبرت بالادينو بالقول إن “الشعب السوداني قال بوضوح إنّه يُريد انتقالاً يقوده مدنيّون” وإنّ هذا الأمر يجب أن يحصل “في وقت أسرع بكثير من عامين”.
لكن المتحدث الأمريكي لم يوضح ما إذا كانت الولايات المتحدة ستقبل بتولّي العسكر السلطة لفترة انتقالية، وإذا كانت مدّة هذه الفترة أقلّ من عامين في وقت يتولى قيادة “المجلس العسكري الانتقالي” وزير الدّفاع عوض بن عوف الذي يخضع لعقوبات أميركية مثله مثل عمر البشير.
ويرى روبرت مايلي المستشار السابق للرئيس الديموقراطي باراك اوباما حين، إن الادارة الحالية للجمهوريين برئاسة دونالد ترامب والتي تعبر في معظم الأحيان عن اعجابها بقادة سلطويين، لا تميل كثيرا للوقوف الى “جانب المتظاهرين”، متسائلا إلى أي حد ستذهب الإدارة “للضغط على العسكريين بهدف الاتجاه نحو انتقال فعلي“.
وأصبح من الواضح أن الإدارة الأمريكية تشعر بالحرج والحيرة أمام الحراك الشعبي السوداني، وأن سقوط البشير شكل مفاجأة بالنسبة لها، حتى أنها عاجزة عن الإعلان عن موقف واضح، بالرغم من أن الرئيس السوداني السابق كان يعتبر أحد ألد أعدائها.
وبرز هذا الحرج في وقت سابق، بينما كانت الانتفاضة الشعبية تهز نظام الخرطوم قبل أيام، رافضا الحديث بوضوح عن “أزمة”، وبالرغم من إعترافه بأن الـ”تظاهرات على المستوى الوطني ضد النظام”، إلا أنه عاد ليؤكد أن الولايات المتحدة تفضل مواصلة الحوار مع السلطات السودانية، مضيفا “لو لم نواصل هذا الحوار، اعتقد لكان الجيش رد بشكل أقسى بكثير ضد المتظاهرين“.
واعتبر بريان كاتولس من معهد الابحاث المقرب من الديموقراطيين “سنتر فور اميركان بروغرس” أنه في الجزائر كما في الخرطوم تتابع أميركا الأحداث كمتفرجة، وأضاف أن أدارة ترامب “أضعفت وسائلها الدبلوماسية للرد على مثل عمليات الانتقال السياسي المعقدة هذه” و”جعلت الحرية والديموقراطية مسألتين تحظيان بأولوية أقل” مقارنة مع الحكومات السابقة.
وكانت الولايات المتحدة قد عززت منذ 1997 العقوبات الاقتصادية، بسبب اتهامات للسودان بدعم مجموعات جهادية خصوصا ان مؤسس تنظيم القاعدة اسامة بن لادن اقام في الخرطوم بين 1992 و 1996، وبسبب انتهاكات لحقوق الانسان والنزاع في دارفور الذي اوقع أكثر من 300 ألف قتيل منذ 2003.
والرئيس المخلوع كان أول رئيس دولة يلاحق بموجب مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بتهم ارتكاب “جرائم حرب” و”جرائم ضد الانسانية” و”ابادة” في اقليم دارفور الواقع في غرب السودان، لكن إدارة باراك اوباما السابقة قررت فتح حوار مع نظام الخرطوم في اطار حملة مكافحة الارهاب. وواصل ترامب هذه الاستراتيجية ورفع في 2017 الحظر الاقتصادي الذي يعود الى 20 عاما عن السودان. كما أطلقت ادارة ترامب حوارا لشطب السودان عن اللائحة الاميركية السوداء “للدول الداعمة للارهاب” والتي ادرجته عليها عام 1993.
والاجتماع المقبل في اطار هذا الحوار الذي كان مرتقبا في نهاية نيسان/ابريل أرجىء الى أجل غير مسمى.
“Content is King” – For TOP content placement services, visit The Online Publishers ‘TOP’