تزامناً مع تعيين بريت كافانو المتهم بالتحرش الجنسي عضواً في المحكمة الأميركية العليا، تم الاعلان عن منح جائزة “نوبل” لناشطين ضد العنف الجنسي وهما: العراقية الأيزيدية ناديا مراد والطبيب الكونغولي دينيس ماكويغي، فهل هي مجرد صدفة؟
ويؤكد مراسل بارز لدى موقع “فورين بوليسي” مايكل هيرش أن القرارين لم يكونا بالتأكيد صدفة. فقد تقرر منذ مدة الإعلان عن جوائز نوبل في هذا الأسبوع. كما، وبسبب سلسلة من الظروف غير المتوقعة، عين كافانو في نفس اليوم. وإلى ذلك، فاق مستوى العنف الجنسي الرهيب. جرائم حرب كالرق والاغتصاب الجماعي، الذي قاومه المكرمان، العراقية الأيزيدية ناديا مراد والطبيب الكونغولي دينيس ماكويغي، نوع الاتهامات التي طاولت كافانو.
ظاهرة عالمية
ورغم ذلك، يقول هيرش، يصعب تجاهل حقيقة أن الإعلان عن الجائزة جاء بعد عام من نشر صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً حول تحرش المنتج السينمائي هارفي واينستين بعدد من الممثلات، الأمر الذي أطلق حركة قادت لإسقاط مئات من المتهمين بالتحرش الجنسي، وتحول هاشتاغ “أنا أيضاً” إلى ظاهرة عالمية.
وحرصت بريت رايس– آندرسون، رئيسة لجنة جائزة نوبل النروجية، أثناء حديثها في مؤتمر صحفي عقد في أوسلو، على عدم ربط جائزة هذا العام بحركة” أنا أيضاً”، ولكنها أقرت بوجود صلة بين الحركة ونوعية جرائم الحرب الجنسية التي ناضلت مراد وماكويغي للقضاء عليها. وقالت آندرسون: “ما يشتركان به يركز على أهمية الالتفات لمعاناة نساء، وللتعرف على تجاوزات ارتكبت بحقهن”.
سبب وحيد
وبحسب كاتب المقال، لربما كانت شناعة العنف الذي سعت مراد وماكويغي لوضع حد له سبباً منع اللجنة الدولية من إجراء مقارنات. فقد أمضت مراد ثلاثة أشهر كعبدة للجنس على أيدي متطرفي داعش الذين قتلوا أمها وعدداً من الإيزيديات. كما عالج موكويج آلاف ضحايا الاغتصاب في شرق الكونغو(عاصمة الاغتصاب في العالم، حسب وصف الأمم المتحدة)، وهاجمه متشددون مع أسرته.
روح العصر
ولكن بالرغم من كل ما قيل، يظل، برأي هيرش، لا قيمة لجائزة نوبل إن لم تتماشى مع روح العصر. وهناك اتفاق عام على أن الجائزة أصبحت مسيّسة بازدياد خلال العقود الأخيرة، بمعنى أن اللجنة تود إرسال رسائل موجهة لدعم حركات وأفراد ترى أنهم وقفوا على الجانب الصحيح للتاريخ البشري.
وقد بدأت اللجنة عملها في 1901 لتحقيق رغبة ألفريد نوبل في تكريم من يعلون قيمة “الإخاء بين الشعوب”. وشيئاً فشيئاً، أصبحت الجائزة “ملهمة” كما وصفها رون كريبس، الباحث الجامعي، “ويتعلق الأمر بمنح الأمل في مقابل الإنجاز، وخاصة عندما يتعرض ناشط دولي، أو مؤسسة تعمل لصالح السلام أو حقوق الإنسان، أو سجين يناضل من أجل إيصال رسالته، لضغط كبير. ولا يختلف الأمر عن منح الجائزة للاتحاد الأوروبي عندما كان معرضاً لضغط، أو لرئيس كولومبيا حينما كانت خطته للسلام معرضة للانهيار، أو عندما منحت الجائزة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لأنهم جميعاً يسعون لتحقيق أهدافهم”.
إشارة
وحسب كاتب المقال، يمكن أن تكون أيضاً الجائزة الحالية بمثابة إشارة من مؤسسة جائزة “نوبل” لحركة “أنا أيضا”، وخاصة بعدما كشف النقاب عن أن مصوراً فرنسياً مقرباً من أعضاء في لجنة خاصة بجائزة أدبية في السويد، قد اتهم بالتحرش الجنسي والاغتصاب. وألغت اللجنة السويدية (وهي مستقلة تماماً عن نظيرتها النرويجية) الجائزة الأدبية للعام الجاري بسبب الفضيحة.
ورغم كل ما تحقق في هذا المجال، يقول كريبس: “لن يكون لجائزة العام الجاري أثر يذكر في القضاء على العنف الجنسي، سواء داخل غرف مغلقة أو في ساحات المعارك. ونحن نقدر عمل اللجنة الدولية في تسليطها الضوء على هذه القضية. ولكني واثق من أن داعش لن يعيرها أدنى اهتمام”.