نشرت وكالة «رويترز» تقريرا تناول الوضع المالي والاقتصادي في لبنان. واشار التقرير الى أن تكلفة التأمين على الديون السيادية اللبنانية ضد مخاطر التخلف عن السداد ارتفعت في ايلول الماضي إلى أعلى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008، مما ينطوي على احتمال تخلف لبنان عن السداد بنسبة تزيد عن 40 بالمئة في السنوات الخمس المقبلة. وهبط الكثير من السندات الحكومية اللبنانية المقوّمة بالدولار إلى مستويات قياسية، فيما ارتفعت فوارق العائد على السندات اللبنانية فوق سندات الخزانة الأميركية إلى مستويات تاريخية.
نتجت حالة الذعر هذه عن أسباب من بينها عمليات بيع أوسع نطاقا في سوق ديون الأسواق الناشئة عالميا. وعندما انخفضت سندات لبنان الدولية في السابق، كانت هناك قابلية للاعتماد على البنوك المحلية في شراء تلك الأوراق المالية. لكن الأمر لم يكن على هذا النحو هذه المرة.
في هذا السياق، قال مروان مخايل كبير خبراء الاقتصاد لدى بنك بلوم انفست «حين وجدت الكيانات الأجنبية أن البنوك اللبنانية تبيع محافظها بكثافة، بدأت تتخلى عن محافظها».
وأشار أنتوني سيموند من «ستاندرد أبردين» لإدارة الأصول إلى تحول في بنية حائزي السندات.
وقال سيموند، وهو مدير استثمار يعمل في لبنان: «في السابق، كانت البنوك المحلية تشتري السندات الدولية دائما حتى عندما ترتفع الفائدة عليها. لذا فقد اعتاد لبنان فعليا أن يتفوق في أدائه عندما تتراجع الأسواق لأنك كنت تجد عروض الشراء تلك كمصدر دعم».
وقبل ما يزيد قليلا عن عامين، كان في حوزة البنوك المحلية ما يقل قليلا عن 20 مليار دولار من السندات الدولية اللبنانية. وبحلول تموز، بلغت تلك الحيازات ما يزيد قليلا عن 16 مليار دولار، بعد أن انخفضت إلى 13 مليار دولار في نيسان، بينما كان إجمالي عبء الديون يرتفع.
وأشار سيموند إلى أن انحسار دور البنوك المحلية كمشتر موثوق للسندات حوّل انتباه السوق إلى جودة ائتمان لبنان. ويعاني لبنان من عجز مستمر في الميزانية وفي ميزان المعاملات الجارية. وتصنف وكالات التصنيف الائتماني لبنان عند درجة مرتفعة المخاطر على قدم المساواة مع مصر أو أنغولا.
وحذّرت «ستاندرد آند بورز غلوبال» في آب من أن الديون ستستمر في الصعود الى مستويات مرتفعة بالفعل. وفي حزيران، دق صندوق النقد الدولي ناقوس الإنذار وحث بيروت على إجراء ضبط مالي «فوري وكبير». ويعطي لبنان أولوية لتعزيز احتياطيات النقد الأجنبي لديه دفاعا عن ربط العملة المستمر منذ عشرين عاما، والذي تعرض لضغوط في الآونة الأخيرة بعد استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري في تشرين الثاني.
وعلى مدى الأيام القليلة الأخيرة، سادت حالة من الهدوء نوعا ما في سوق الدين. وانخفضت عقود مبادلة الائتمان لأجل خمس سنوات إلى ما يزيد قليلا عن 700 نقطة أساس من ذروة بلغت 803 نقاط أساس في منتصف أيلول.
وأظهر بحث من بنك ميتسوبيشي يو.إف.جيه أن من المقرر أن يحل أجل استحقاق نحو نصف الدين الحكومي بالعملة الأجنبية على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وكتب جيسون تورفي لدى كابيتال ايكونوميكس في مذكرة إلى العملاء في الآونة الأخيرة يقول «ميزانية البلاد هي الأسوأ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بل يمكن القول في العالم الناشئ». مضيفا أن الديون الحكومية بالعملة الأجنبية تبلغ 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد وأن تسابق المستثمرين الأجانب على التخارج قد يدخل البلد الصغير إلى أزمة أعمق. وأردف : «استمرار خروج الرساميل قد يجفف سريعا الاحتياطيات الأجنبية ويجبر السلطات في نهاية المطاف على خفض قيمة الليرة».
يصف الكثير من خبراء الاقتصاد اللبنانيين ذلك السيناريو بأنه مفرط في التشاؤم، ويقولون إن المستثمرين الأجانب يحوزون نحو 11 بالمئة فقط من الدين العام اللبناني.
غبريل
قال نسيب غبريال كبير خبراء الاقتصاد لدى بنك بيبلوس اللبناني ”لا أحد هنا يقول إنه لا توجد تحديات، لكن هناك فارقا كبيرا بين أن تكون هناك تحديات وأن تواجه خفضا إجباريا لليرة والاتجاه إلى السيناريو اليوناني أو التركي». ويقول سيموند إن عمليات الهندسة المالية التي يجريها البنك المركزي لدعم احتياطياته من العملات تكللت بالنجاح حتى الآن. فقد انشأ نظاما يدفعون فيه لشخص من أجل أن يدفع لشخص آخر لكي يجلب المال، والأمر ينجح. لكن في نهاية المطاف قد لا ينجح، ولهذا عليهم أن ينفذوا إصلاحات بسرعة».