يقترب “الناتو العربي” شيئا فشيئا من التحوّل الى حقيقة. فالتحالف العسكري الذي يشبه “حلف شمال الأطلسي”، ويضم دول مجلس التعاون الخليجي، (السعودية والإمارات والكويت والبحرين وقطر وعمان)، إضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية ومصر والأردن، من المتوقع أن يتم الاعلان عن ولادته رسميا، خلال قمة تستضيفها واشنطن، في كانون الثاني المقبل، تحت اسم “تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي”.((MESA
التحضيرات للقمة المرتقبة تسير على قدم وساق، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية مطّلعة لـ”المركزية”. ففيما أمضى نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الخليج العربي تيم ليندركينغ، الأسابيع الثلاثة الماضية في القيام بمهمات ديبلوماسية إقليمية واتصالات في الخليج، استضاف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أمس الجمعة في نيويورك، لقاء جمع ممثلي دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.
أما قائد القيادة المركزية الأميركية، الفريق أول ركن جوزيف فوتيل، فكان شارك منذ اسابيع قليلة في اجتماع رؤساء أركان دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن (الذي عقد في الكويت لبحث سبل تعزيز التعاون العسكري والدفاع المشترك) حيث القى كلمة تذهب في اتجاه الإعداد للحلف المرتقب: فهو اشار الى ان “هذه الاجتماعات الدورية مهمة جدا لنا للحفاظ على العلاقات الوثيقة وخطوط الاتصال المفتوحة وتعزيز التفاهم المتبادل ودفع تعاوننا”، داعيا هذه الدول، الى وضع خلافاتها جانبا وتوحيد الصف لمواجهة التهديدات النابعة عن سياسات إيران في الشرق الأوسط.
وعليه، تقول المصادر ان أبرز أهداف التحالف المنتظر تتمثل في الوقوف في وجه طهران وطموحاتها التوسعية في المنطقة، الا انه أيضا سيركز على تكثيف التنسيق بين واشنطن والعواصم الخليجية والعربية لعملية إدارة النزاعات فيها، من سوريا إلى اليمن والعراق، ولمواجهة الارهاب والتطرف.
واذ تذكّر بأن فكرة التحالف أبصرت النور خلال قمة الرياض في العام 2017، حين برز اهتمام مشترك بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي في تكوين “تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي”، وكان اتفاق على عقد اجتماعات سنويًة بين الطرفين، تشير المصادر الى ان الحلف المرتقب يشكل دليلا اضافيا الى مدى اصرار الادارة الاميركية على محاربة النفوذ الايراني في الشرق الاوسط، في مقابل تعزيز شراكتها وتعاونها مع دول مجلس التعاون.
فبعد اعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي في ايار الماضي، أعاد الاخير العمل مطلع الشهر بالعقوبات الاقتصادية على ايران وعلى كل من يتعامل معها ايضا، كما يستعد لفرض رزمة جديدة من العقوبات منتصف تشرين الاول المقبل على طهران. وبالتزامن، يرفض ترامب اي دور للجمهورية الاسلامية في التسويات المرتقبة لازمات المنطقة ويصر على ضرورة وقفها تطوير الصواريخ البالستية ومدّ أذرعها العسكرية المنتشرة في المنطقة بالسلاح، وإلا واصل تضييق الطوق عليها.
فكيف ستتعامل ايران مع الضغوط الآيلة في الاشتداد عليها من كل حدب وصوب؟ وهل تلين تحت وطأتها وتوقف تصعيدها في المنطقة ام تقرر استخدام اوراق قوتها وأهمّها الامن الاسرائيلي لممارسة ضغط مضاد على الولايات المتحدة وحلفائها؟